"المرأة شر كلها وشر ما فيها أنها لا بد منها" مقولة خاطئة نسبت إلى سيدنا على رضي الله عنه نفى علماء المسلمين صحتها، و يتناقلها البعض مع بعض الاتهامات التى صورت المرأة وكأنها كائن لعوب مهمته الاغواء، وبالرغم من أننا نعيش فى القرن الواحد والعشرين لا نفهم عظمة الدين الإسلامى بكل ما جاء به من معاني كالمساواة والحرية والعدل والشورى، وكل ما أكده من قيم التى ترسخ المعانى والأخلاق السامية للمجتمع، فنجد أن الإسلام حرر المرأة من الجاهلية وأعطي لها حقوقها كاملة وجعل لها شخصية مستقلة لها الحق فى الكسب والميراث والعمل، وفى الوقت نفسه تعتبرها بعض المجتمعات شيطان وعورة، كما تلتصق بها بعض الاتهامات سنستعرضها سوياً .
الدكتور يوسف القرضاوي.. |
المرأة سر كل البلاء
يقال المرأة دائماً سبب كل البلاء منذ قديم الأزل، فكانت هي السبب الرئيسي لخروج آدم من الجنة وسبب شقاء البشرية، رد على هذا الاتهام الداعية د.يوسف القرضاوي خلال أحد الفتاوي أن الإسلام ليس في شيء من نصوصه الثابتة في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة نص يُحَمِّل المرأة تبعة إخراج آدم من الجنة، وشقاء ذريته من بعده، كما جاء ذلك في "أسفار العهد القديم". بل القرآن يؤكد أن آدم هو المسئول الأول: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طـه:115)، (فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (طه: 121، 122).
اسم المرأة
بعض المجتمعات الاسلامية بحكم عاداتها وتقاليدها اعتبرت أن اسم المرأة عورة من العورات التى يجب ألا تذكر أو يطلع عليه أحد، لذا نرى أن بعض الرجال يستبدلون اسم المرأة بكنية تجنباً للحرج، بالرغم من القرآن الكريم ذكر اسم" مريم بنت عمران" وجعل سورة كاملة باسمها قال تعالى ( يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ) آل عمران 45، وكذلك الرسول المصطفى" عليه الصلاة والسلام" حينما صرح بأسماء زوجاته وبناته بأسمائهن عائشة وصفية وخديجة وفاطمة.. إلخ، وبعض نساء الصحابيات ذكرت أسمائهن في جملة من الآحاديث الشريفة.
وعن اسم المرأة تقول الداعية الإسلامية د. عبلة الكحلاوي : أنه منذ بواكير الإسلام ومع بداية الدعوة نادى الرسول عليه الصلاة والسلام "يا بني عبد المطلب .. يا صفية بنت عبد المطلب .. يا فاطمة لا أملك لكم من الله شيئا " وهذا يعنى أن الرسول الكريم كان يخاطب المرأة باسمها، ولكن اليوم هناك من يريد أن يعود إلى الوراء فنجد أن الرجل عندما يتحدث عن الزوجة يقول "العيال"، "البنت"، "الجماعة"وكأن اسم المرأة عورة.
ليش دايما المراة مظلومة..؟ |
صوت المرأة
"صوت المرأة عورة" مقولة شائعة نسمعها من المرأة قبل الرجل، وعن صحة هذا الكلام تشير د.عبلة الكحلاوي إلى أن هذه المقولة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها أي علاقة بالدين أو حتى قول مأثور، ولكن هناك آداب ولياقة لابد أن تتعلمها المرأة حتى لا تتلاعب بصوتها ولا تلفت الانتباه إليها، مضيفة: القضية ليست قضية جسد أو إغواء للرجل، لاننا لا نعيش في مجتمع حيواني، ولكننا نفوس حرة طليقة راقية، والمرأة إنسان له كيان وقناعات، وليست كشيطان متحرك مهمته الإغواء كما يصفها البعض.
المرأة لها أحاسيس وملكات خاصة تؤهلها إلى ما أشار إليه الحق فى سورة التوبة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) والآية تعني أن المرأة تلى الرجل فى بعض الأمور إذا كانت تتوافر فيها ما يؤهلها لهذا العمل، ياليتنا ننظر إلى عظمة هذا الدين بحق بدلاً من أن ننظر للظاهر فقط.
وعن صحة ما يقال عن تحريم "صوت المرأة" فى الدين يقول د. يوسف القرضاوي خلال إجابته على أحد السائلين أنه لا يوجد دليل على صحة هذا الكلام متسائلاً هل جهل هؤلاء أن القرآن أجاز سؤال أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- من وراء حجاب، رغم التغليظ في أمرهن، حتى حرم عليهن ما لم يحرم على غيرهن ؟ ومع هذا قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) (الأحزاب: 53). والسؤال يقتضي جوابًا، وهو ما كانت تفعله أمهات المؤمنين، حيث كن يفتين من استفتاهن، ويروين الأحاديث لمن يريد أن يتحملها عنهن.
المراة تحاول الخروج من قوقعتها رغم كل ما يقال عنها.. |
وقد كانت المرأة تسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حضرة الرجال ولم تجد في ذلك حرجًا ولا منعها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ردت المرأة على عمر رأيه، وهو يخطب على المنبر، فلم ينكر عليها، بل اعترف بصوابها وخطئه، وقال: "كل الناس أفقه من عمر".
وقد رأينا الفتاة ابنة الشيخ الكبير المذكورة في صورة القصص تقول لموسى)إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا)، (القصص: 25)، كما تحدثت إليه هي وأختها من قبل حين سألهما: (مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ). (القصص: 23).
وأكد د. القرضاوي أن ما يُمنع هنا هو التكسر والتميع في الكلام، الذي يراد به إثارة الرجل وإغرائه، وهو ما عبر عنه القرآن باسم "الخضوع بالقول" وذلك في قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32)
فالمنهي عنه هو هذا "الخضوع" الذي يطمع الذين أمرضت قلوبهم الشهوات، وهذا ليس منعًا للكلام كله مع الرجال كلهم، بدليل قوله تعالى تتمة للآية: (وقلن قولاً معروفًا).